سلطت مجلة نيوزويك الأمريكية الضوء على اختلاف الرسائل التي وجهها كل من الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب خلال عيد الميلاد، فبينما اختار الأول التركيز على العمل الإنساني وخدمة المجتمع في أيامه الأخيرة بالبيت الأبيض، اتخذ الثاني منحى مغايرًا تمامًا، موجهًا تهديدات غير مسبوقة لثلاث دول وانتقادات حادة لخصومه السياسيين.

ترامب يواصل الأزمات

أشارت المجلة إلى تصريحات "ترامب" التي أثارت عاصفة سياسية ودبلوماسية عبر سلسلة من المنشورات على منصته الاجتماعية "تروث سوشيال"، فبعد تهنئة تقليدية ونشر صورة له مع زوجته ميلانيا، بدأ بتوجيه اتهامات خطيرة للصين، زاعمًا أنها تدير قناة بنما بشكل غير قانوني.

وفي تصعيد غير مسبوق، ذكّر بالتضحيات الأمريكية في بناء القناة قبل 110 أعوام، إذ فقدت الولايات المتحدة 38 ألف شخص خلال عملية البناء، مطالبًا باستعادة السيطرة على هذا المعبر المائي الاستراتيجي.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ امتدت تصريحات ترامب لتشمل كندا في خطوة وصفها مراقبون بأنَّها غير مسبوقة في العلاقات بين البلدين.

ووصف "ترامب" رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بـ"الحاكم"، واقترح أنَّ تصبح كندا الولاية الأمريكية الـ51، واعدًا بخفض الضرائب بنسبة 60% ومضاعفة حجم الأعمال التجارية، مع تقديم حماية عسكرية غير مسبوقة.

وفي الوقت نفسه، أعلن عن تعيين كين هاوري، المؤسس المشارك لشركة "باي بال"، سفيرًا للولايات المتحدة في الدنمارك، مؤكدًا أن السيطرة على جرينلاند "ضرورة مطلقة للأمن القومي الأمريكي".

تحذيرات من التصعيد

أثارت تصريحات ترامب موجة من ردود الفعل الغاضبة من القيادات السياسية في الدول المستهدفة، إذ أصدر رئيس بنما خوسيه راؤول مولينو، بيانًا حازمًا أكد فيه السيادة البنمية الكاملة على القناة، نافيًا بشكل قاطع أي نفوذ صيني على إدارتها.

وبالمثل، جاء رد رئيس وزراء جرينلاند موت إيجيدي حاسمًا، مؤكدًا أن بلاده ليست للبيع ولن تكون للبيع أبدًا، وأشار إلى نضال شعبه الطويل من أجل الحرية.

أما في كندا، كشف وزير السلامة العامة دومينيك لوبلان عن تفاصيل مثيرة حول عشاء جمع ترامب برئيس الوزراء ترودو الشهر الماضي، محاولًا التقليل من أهمية تصريحات ترامب باعتبارها "مجرد مزاح".

غير أنَّ محللين سياسيين حذروا من خطورة هذه التصريحات، ورأوا تشابهًا مقلقًا بين لغة ترامب وأسلوب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

مسار مختلف

على الجهة الأخرى، اختار "بايدن" مسارًا مختلفًا تمامًا في الأيام الأخيرة من رئاسته، إذ زار مع زوجته جيل مستشفى الأطفال الوطني في واشنطن العاصمة، مواصلًا تقليدًا بدأه قبل أربع سنوات.

وفي مشهد نقلته "نيوزويك"، تحدثت السيدة الأولى الأمريكية عن أهمية هذه الزيارات السنوية وتأثيرها على العائلات والطاقم الطبي.

وعلى الصعيد التشريعي، شهدت عشية عيد الميلاد نشاطًا مكثفًا، إذ وقع بايدن 50 مشروع قانون، من بينها وقف إساءة معاملة الأطفال في المؤسسات، ومكافحة التنمر في الحرم الجامعي، ومكافحة الفساد الذي يمنع أعضاء الكونجرس المدانين بجرائم فساد من تحصيل معاشات تقاعدية.

كما اتخذ قرارًا تاريخيًا بإلغاء أحكام الإعدام لـ37 سجينًا فيدراليًا، مع الإبقاء عليهم في السجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط، في خطوة تعكس موقفه المبدئي المعارض لعقوبة الإعدام.

تحديات وتعهدات

وأوضحت المجلة أنه مع اقتراب موعد التسليم الرسمي للسلطة في 20 يناير، يبدو أنَّ المشهد السياسي الأمريكي مقبل على تحولات جذرية، إذ تعهَّد الرئيس المنتخب ترامب بتنفيذ سلسلة من الإجراءات الحاسمة في يومه الأول بالبيت الأبيض، تشمل بدء عمليات ترحيل جماعية وتأمين الحدود.

كما وعد بإصدار عفو عن بعض المتهمين في أحداث اقتحام مبنى الكابيتول، والتوسع في عمليات التنقيب عن النفط، والتفاوض لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، في خطة طموح تثير تساؤلات عميقة حول مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية وعلاقاتها مع حلفائها التقليديين.